تتغيّر الحالة الذهنيّة للإنسان من وقت إلى آخر وفقاً للعديد من العوامل المؤثّرة على النشاط العقلي، وتنتشر حالات الإرهاق الذهني بمختلف أشكالها في الوقت الحالي، إلا أنّ أكثر تلك الحالات شيوعاً تتمثل في فقدان القدرة على التركيز وشرود الذهن، ممّا يسبب بعض آثار الدراما السلبية في المواقف الاجتماعيّة المختلفة والعمل.
وفقا للاستطلاعات التي أجريت في جميع أنحاء العالم، عانى أكثر من 50% من الموظفين من أيام عمل سيئة ليس بسبب وجود رئيس مريع أو عملاء صعب التعامل معهم أو زملاء عمل مزعجين ولكن بسبب السلبية في مكان العمل.
في شركة معينة ذهب هذا الموظف الشاب رئيس الموارد البشرية وقال له بأنه لا يستطيع العمل هنا بعد الأن، ويريد أن يغادر وظيفته والشركة ككل. تعجٌب الرئيس وطلب منه السبب، وقال: "الجو في هذه الشركة أصبح كله سام جدًا وهناك كقير من الوطفين لا يتقنوا التطرق في المواضيع إلا السلبية طوال الوقت، وعندما أقرر أن أقضى معهم بعض الوقت، يكون الحوار الرئيسي هو النميمة ولا أعتقد أنني أستطيع التعامل مع هذا بعد الآن".
قال رئيس الموارد البشرية: "موافق ولكن لدي طلب واحد قبل أن تغادر، شيءً واحد يمكنك فعله لي قبل أن أقبل ورقة استقالتك، وهو أن تأخذ كوبًا من الماء الممتلئ إلى قمته والمشي في جميع أنحاء وممرات المكتب ثلاث مرات دون إراقة قطرة ماء واحدة على الأرض، بعد ذلك يمكنك ترك العمل إذا كنت ترغب في ذلك.
بدى الأمر غريبًا بالنسبة لهذا الشاب وفعلها في نفسي الوقت حيث أخذ كوبًا مليئًا بالماء وسار ثلاث مرات حول المكتب كما طُلب منه، ثم عاد إلى الرئيس وقاله له: "لقد أتممت مهمتي.. وماذا الآن؟"
قال الرئيس له: "حين كنت تمشي في ممرات المكتب، هل رأيت موظف يتحدث بشكل سيئ عن موظف آخر كالثرثرة أي اضطرابات أخرى؟". أجاب الشاب قائلًا: "لا يا رئيس".
سأل مرة أخرى: "هل رأيت أي موظف يبحث الخطأ في موظف آخر؟". أجاب بكلمة لا.
قال له الرئيس: "أتعلم لماذا؟ لأن بالك كان متمركز حول الكوب الممتلئ بالماء خوفًا أن تسقط قطرة منه ولم تملك الوقت للتركيز حول هذه النقاط السلبية. هكذا هي الحياة، عندما نركز على واقعنا والأولويات، لا نملك الوقت لنرى كل الدراما من حولنا كأخطاء الآخرين والقيل والقال والسياسة الخ..
في الواقع، حيثما نذهب، وفي أي مكان يجب علينا بطريقة تلقائية أن نقابل أناس سامة. تغيير العمل أو تغيير الوضع ليس بالضرورة ضمان للحرية من هؤلاء الناس. ينبغي علينا بالتأكيد أن نفعل ما في وسعنا لحدث تغيير إيجابيًا للأشياء من حولنا ولكن عندما نعرف أننا بذلنا قصارى جهدنا والأشياء لا تزال أكثر أو أقل على حالها، علينا أن نحول اهتمامنا إلى كوب من الماء، إلى أولوياتنا، إلى نمونا وتميزنا لنضمن بأننا لا نتأثر بالسلبية حولنا من قبل بعض الأشخاص المضطربة نفسيًا، فمن يُحبون أعمالهم بشغفٍ كبير يُحرزون نجاحاتٍ غير مُنقطعة النظير.
أن كان هذا خارج نطاق إرادتنا في القدرة على التعامل مع حاجتنا الفعلية، يجب أن نعلم بأننا بحاجة لتغيير مع الإدراك تمامًا بأن أن الوظيفة الجديدة أو الوضع الجديد سيأتي بتعقيدات طازجة لنفس التيار الذي لن يتغير، إلا أن غيرنا تركيزنا وتفكيرنا.
هل مستعد للتغيير؟ شارك المدونة مع من تحب.
تحياتي٬٬
أسامة السيفي
سناب، إنستا، تويتر: UsamaSaifi
Comments